Category Arabic, Opinions - Arabic

الممملكة العربية السعودية: يا له من بلد هادئ

لم تمضِ ساعة بعد وصولي إلى المملكة العربية السعودية حتى ارتديتُ الملابس السعودية التي اشتراها لي مضيفي، الدكتور بدر الجبر، بناءً على طلبي. وما إن وصلتُ إلى المملكة الشقيقة حتى خضعتُ لعملية التحول إلى مواطن سعودي. كانت الملابس تناسبني تمامًا، ومع نعالي الذي أحضرته من هولندا، استطعتُ التحرك كشبه سعودي في الرياض، عاصمة البلاد

دعاني مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية للمشاركة في مؤتمره السنوي، الذي ركز هذا العام على موضوع : الصناعة المعجمية العالميّة: التجارب، والجهود، والآفاق

.وقد استمتع المشاركون بكرم الضيافة السعودي في فندق مريح للغاية، حيث انعقد المؤتمر

في الأيام الثلاثة الأولى كنت ضيفاً على الدكتور الجبر من جامعة الإمام محمد بن سعود، وأخذني معه للتعرف على الرياض

لقد دعاني إلى وجبة إفطار سعودية كانت صحية بشكل مدهش: خالية من السكر والدهون

يرحب السعوديون بالضيوف بالتمر التقليدي، وهذا معروف في العالم العربي، بالإضافة إلى نوع مميز من القهوة، يشبه الشاي في شكله، لكن مذاقه في الحقيقة يشبه القهوة. في المؤتمر، تجول شباب وسيمون بزيهم التقليدي يقدمون القهوة. كان من الصعب مقاومة لطفهم في تقديمها

بطبيعة الحال، كنتُ أتطلع لرؤية ملابس النساء في السعودية. هنا في أوروبا، نقرأ الكثير من التقارير السلبية عن المملكة، وخاصةً عن سكانها الإناث. يُفترض أن حقوق النساء محدودة للغاية، وأن المساحة المتاحة لهن تُحددها الأسرة. في المطار، لاحظتُ فورًا أن النساء المنقبات يُقدمن خدماتهن خلف مختلف أنواع الكاونترات، حتى أنهن اقتربن مني. وكان الأمر نفسه في المؤتمر، حيث كانت العديد من النساء المنقبات يؤدين مختلف المهام. بدت لي القصة الغربية القائلة بأن النساء المنقبات في السعودية محصورات في منازلهن فقط غير صحيحة. كما لاحظتُ أن النساء المعنيات غالبًا ما ينظرن إليّ مباشرةً في عينيّ، مما جعلني أشعر بعدم الارتياح

في المطاعم، يكون الحضور مختلطًا: رجال ونساء مختلطون، ونساء منقبات، وكثيرات منهن بدون حجاب. اصطحبني الدكتور الجبر إلى تجمعٍ لأحد أصدقائه عصر يوم الجمعة. لم أكن أعلم ما أتوقعه، لكننا ذهبنا إلى منزلٍ جميل في الرياض يسكنه صديقٌ له. كان يستضيف ما لا يقل عن أربعين ضيفًا في ذلك المساء، جميعهم رجال يرتدون الأبيض، مثلي تمامًا! شعرتُ ببعض الإحراج، خاصةً عندما طلب مني المضيف أن أحكي شيئًا عن نفسي

بالطبع، تحدثتُ عن نفسي وهذا باللغة العربية، لكنني لم أبدأ حتى دقيقتين فقط قبل أن نُدعى إلى البوفيه في غرفة أخرى. كانت أبرز لحظات العصر عندما بدأ عدد من الشيوخ الأجلاء، بعد البوفيه، بلعب تنس الطاولة، وكان الأمر ممتعًا للغاية! حتى أنني انضممتُ إليهم في جولة

تتميز الرياض بشبكة طرق سريعة ممتازة، لكن المترو الجديد يُعدّ الأفضل على الإطلاق. محطاته مزينة بذوق رفيع بمجموعة متنوعة من المواد الملونة والأعمال الفنية

في رأيي، يتمتع السعوديون بذوق جيد، وهذا ينطبق أيضًا على المتحف الوطني السعودي والدرعية، المدينة القديمة في الرياض، حيث من الرائع المشي وتناول الطعام والشراب

كان المؤتمر حدثًا ضخمًا، حضره مئات الأشخاص من جميع أنحاء العالم، بمن فيهم العديد من الزملاء المستعربين. يمكنكم مشاهدة تسجيلات الفيديو لليومين الأول والثاني من المؤتمر على هذا الرابط وهذا الرابط

كان لقاء هذا العدد الكبير من الزملاء من جميع أنحاء العالم وتبادل الأفكار معهم بمثابة نفحة منعشة. في معرض الكتاب الذي كنا نحضره في الوقت نفسه، اقترب مني صحفي سعودي، ربما لأن مظهري كان غربيًا (برأسي الهولندي ذي الشعر الأشقر) وكنت أرتدي أيضًا ملابس سعودية. طلب ​​مني إجراء مقابلة، فوافقت، ويمكنك الاطلاع على نتيجة تلك المحادثة هنا

السعودية بلد إسلامي، وقد أُعجبتُ بمدى التزام مضيفِي وأصدقائه والمشاركين في المؤتمر الإسلامي بأداء فرائضهم الدينية، وخاصةً الصلاة خمس مرات يوميًا

زرتُ كثيرًا دولًا إسلاميةً مثل مصر والمغرب، بالإضافة إلى تركيا وتونس، لكن السعودية، في رأيي، هي البلد الذي يُمارس فيه الإسلام باعتدالٍ شديد. أجدها بلدًا لطيفًا للغاية

ومع ذلك، أستطيع سماع منتقديّ يصرخون بأن السعودية ليست ديمقراطية، وأن حرية التعبير مقيدة فيها، وأن عقوبة الإعدام لا تزال تُطبّق. فما رأيي في ذلك؟

ردي على منتقديّ هو أنني أُدرك هذه الحقائق، ولكنني أُمثل أيضًا بلدًا أوروبيًا، القارة التي اندلعت فيها حربان عالميتان، بعواقب وخيمة على الكوكب بأسره، وحيث تُثقل فاشية “هتلر” وشيوعية “ستالين” كاهل ضمائر الملايين من الناس. التواضع يليق بي كأوروبي

يُفترض أن أوروبا هي مهد حقوق الإنسان؛ وهذه الحقوق بالغة الأهمية لجميع شعوب العالم. لكن كلما تقدمتُ في السن، ازداد إيماني بأن العالم، بكل شعوبه، متنوع بطبيعته، حتى في أنظمتهم الحكم. كما يقول القرآن 49:13

أتمنى أن أعود إلى هذا البلد العربي الهادئ، حيث شعرتُ براحةٍ بالغة. انظروا إلى الصورة أدناه لتُثبتوا ذلك






Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top